كيف قمنا بتحويل استراتيجيتنا مع تصاعد سوق رأس المال المخاطر

Khaled Talhouni

|

18/2/2022

|

أفكارنا

|

MENA

 

في غضون بضعة أشهر من بداية جمعنا للتمويل الأول وحتى موعد الإغلاق الأول، قمنا بمتابعة التقييمات في السلسلة "أ" بدءًا من متوسط يترواح بين 30 إلى 60 مليون دولار في مطلع عام 2019 إلى تقييمات تتراوح ما بين 60 إلى 150 مليون دولار، بينما ارتفعت تقييمات السلسلة "ب" من حوالي 60 مليون دولار إلى 100 - 250 مليون دولار فأكثر. كما ارتفعت قيمة التمويل الأولي من تقييم يقل عن 10 ملايين دولار لجولات تتجاوز قيمتها 10 ملايين دولار وإلى نطاق يصل إلى 25 مليون دولار. بدأت تقييمات التمويل الأولي فعليًا وكأنها تقييمات للسلسلة "أ"، في حين أن تقييمات السلسلة "ب" بدت أكبر مما تبدو عليه جولات المراحل اللاحقة التقليدية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ما سبق ذكره عبارة عن تعريفات غير دقيقة ولكنها تنم عن الاتجاه الواضح لزيادة قيمة التقييمات بين عامي 2020 و2022.

كان علينا اتخاذ بعض الخيارات الجريئة والحاسمة فيما يتعلق ببناء محفظتنا في ضوء حجم الصندوق البالغ قيمته 100 مليون دولار الذي نستهدف الوصول إليه. وبالنظر إلى الحجم الحالي إلى الصندوق، فإنه من الصعب علينا القيام بعمليات تخصيص مجدية (على سبيل المثال بقيمة 50%) لأحجام الجولات للسلسلتين "أ" و "ب" والحفاظ على تنوع محفظتنا المستهدفة للاستثمار في 20 شركةً. وقد كان هذا هو العائق الأول الذي جعلنا نتوقف ونعيد النظر في طريقة استثمارنا.

وإلى جانب حجم الصندوق، كان هناك شعور يروادنا بوجود تقصير في البيئة الكلية ونموذج التسعير لتلك الأصول. بدأنا نشعر بوجود خطب ما على الرغم من المشاعر الإيجابية وبحثنا عن السبب الذي يدعونا للاعتقاد بأن استراتيجية الاستثمار التي تركز على السلسلة "ب" قد تسبب لنا مشكلة. ولم يكن السؤال الأساسي الذي ركزنا عليه هو القيمة التي يجب أن تبدأ فيها تقييمات الدخول بل قيمة التخارج المعقولة بالنسبة لشركة ناجحة.

معظم الشركات في الأسواق الناشئة أو في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مقتبسة من نماذج الأعمال العالمية التي تطورت وازدهرت في أسواق أخرى، وتحديدًا في الولايات المتحدة وأوروبا (مثلاً: "كريم" القائمة على نموذج "أوبر"، و"سوق" القائمة على نموذج "أمازون"، و"نانا" القائمة على نموذج "إنستاكارت"، و"فودكس" القائمة على نموذج "توست/سكوير").

من الواضح وجود عدد كبير من المتغيرات التي تدخل في تقييمات التخارج، ولكن إذا أردنا تحييد جميع العوامل الأخرى والتركيز بشكل خاص على قيمة إجمالي السوق المتاحة مع اعتبار الناتج المحلي الإجمالي بديلًا غير كامل، فإن ذلك يمنحنا الفرصة لإجراء تحليل سريع وغير رسمي للنتائج المحتملة للشركات المكافئة إقليميًا.

تصل قيمة اقتصادات المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر معًا إلى قرابة 1.3 تريليون دولار. ويمكننا إضافة بقية دول مجلس التعاون الخليجي لتصل القيمة إلى حوالي 1.8 تريليون دولار أو ما يقارب ذلك من الناتج المحلي الإجمالي. يبلغ الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة الأمريكية وحدها 25 تريليون دولار. وتشكل منطقتنا في أفضل الأحوال قرابة 7.5% من إجمالي السوق المتاحة في الولايات المتحدة الأمريكية.

أود التنبيه بأن الناتج المحلي الإجمالي هو مؤشر ناقص لحجم السوق ولكنه يعتبر القاسم المشترك الأسهل أو الأكثر توفرًا. ويمكن القول إن الشركات القائمة في الولايات المتحدة ذات طبيعة عالمية وتتوسع إلى أوروبا وأمريكا اللاتينية وآسيا، وبالتالي فإن سوقها المتاحة أكبر نظريًا من الشركات الإقليمية التي لم تتوسع تاريخيًا خارج سوق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (مع وجود بعض الاستثناءات الملحوظة بالطبع).

بناءً على المعادلة المذكورة أعلاه لإجمالي السوق المتاحة الذي يمثل 7.5% من الولايات المتحدة الأمريكية، نبين فيما يلي قائمة بالقيم السوقية للشركات الأمريكية والمتغيرات الإقليمية النسبية التي يمكن تقييمها في المراحل النهائية في المستقبل (مثلًا: عند التخارج)

 

 

من الجدير بالذكر أن هذه القائمة ليست شاملةً ولكنها عينة عشوائية من الشركات العامة ومع ذلك، فإن مكافئ "دورداش" الإقليمي البالغ 2.6 مليار دولار قريب للغاية وبشكل غير متوقع من القيمة السوقية الحالية لشركة "جاهز" البالغة 3.3 مليار دولار.

حسبما نرى، فإن متوسط المكافئ الإقليمي للتخارج يجب أن يكون ضمن نطاق 1 مليار دولار. وعليه قد يحقق المستثمرون الذين يدخلون سلسلة التمويل "ب" بقيمة 250 مليون دولار أو أكثر (باستثمار يبلغ 50 مليون دولار) عوائد بمقدار 3 أضعاف في أفضل الأحوال. وبمجرد تخفيض نسبة الملكية في الجولات الأخرى قبل التخارج (بافتراض تطبيق تخفيض آخر بنسبة 10-20%) فسوف نبدأ بعد ذلك بتحقيق عائدات بمقدار 1.75 إلى 2.25 ضعفًا. ولا يأخذ ذلك إخفاق الشركات بالاعتبار. وحتى الشركات المشاركة في السلسلة "ب"، فإن معدل تغيير الفشل لديها يبلغ 50%. وعند أخذ معدل الفشل المكيّف حسب المخاطر بالاعتبار، قد ينطوي العائد عبر محفظة الصندوق، مع التركيز على المرحلة المتأخرة من التقييمات الممتازة للعام الماضي، على مشكلة كبيرة وبسرعة عالية.

يعني الاستثمار في مراحل لاحقة نسبيًا أنه بمجرد حدوث انكماش في المضاعفات الكلية في السوق، لن يتبقى سوى مساحة صغيرة جدًا للمناورة، حيث يشكل الحجم الكلي للسوق عاملاً أكبر مما هو عليه في الولايات المتحدة. وأسوأ ما يمكن أن يحدث للمستثمر من  منظور بناء المحفظة هو الاستثمار في شركات ناجحة وينتهي به الأمر بأداء باهت بسبب الديناميات المذكورة أعلاه. فالشركات التي استثمر فيها بشكل عام تحقق أداءً جيدًا وتصل إلى مرحلة التخارج، ونطاق وحجم الشركات التي يتخارج منها يتناسب مع حجم الأسواق التي يعمل فيها، وبالتالي لديها عامل مقيد طبيعي.

ولكن من السابق لأوانه الإعلان عن الفوز وأن النهج الذي اتبعناه يمثل الاستراتيجية الفائزة لبناء المحفظة. فالمشروع الاستثماري مشوار طويل والنتائج الاستراتيجية ستظهر في السنوات الأربع إلى الخمس القادمة وليس خلال 12 شهرًا.

ومع ذلك، فإن تحولنا نحو التركيز على مرحلة التمويل من فئة (pre-seed) ومن فئة (seed) وسلسلة التمويل "أ" سيتيح لنا التغلب على الاضطراب القادم في تقييمات السوق الخاصة بشكل أكثر فعالية من غيرنا. لقد اخترنا تحمل المخاطر التشغيلية في المراحل المبكرة بدلاً من المخاطر النظامية/ مخاطر حجم السوق في المراحل المتأخرة، حيث ارتأينا أنه حتى إذا بدأنا الاستثمار بقيمة 20 مليون دولار بدلاً من 10 ملايين دولار في مرحلة التمويل من فئة (seed)، إذا نجحت الشركة وكانت صفقات التخارج تتراوح ما بين 300 مليون دولار إلى 1 مليار دولار، فلن تكون المخاطر ذات أهمية كبيرة. وعلى عكس الاستثمار في المرحلة اللاحقة، حيث قد ينتهى بنا الأمر باختيار الشركات المناسبة للاستثمار في السوق وعقد الشراكات معها، إلا أن حجم السوق الطبيعي قد يحد من قدرتنا على تحقيق العائدات.

ومن المثير للاهتمام أنه على الرغم من تباطؤ تقييمات الدخول في المراحل المتقدمة/مرحلة النمو (السلسلة "ب" وما بعدها) في ضوء الانكماشات القوية التي يشهدها السوق، لكنها بكل تأكيد آخذة بالتزايد في منطقتنا. وربما يكون التوقيت الذي قد اخترناه مناسبًا لإطلاق المنتجات القادمة لشركتنا.

خالد تلهوني هو الشريك الإداري في شركة نواة كابيتال